Contemporary Media Conference

4 اّذار 2024

كلمة الرئيس
الدكتور الياس وراق

في مؤتمر
"الإعلام المعاصر: متطلبات وتحديات وآفاق مستقبلية"

4 آذار 2024

جامعة البلمند
معالي وزير الإعلام الصديق الأستاذ زياد المكاري،
حضرة الأمين العام للأونيسكو السيدة هبة نشابة،
حضرة مديرة منصة الإعلام المباشر وشركة Media Bureau السيدة هنيدة المصري،
أصحاب المعالي والسعادة والسيادة،
حَضَرات السيدات والسّادة في المجال الإعلامي،
الزُمَلاء، الأَسَاتِذَة، والطلاب الأَعزاء،
الحَفل الكَرِيم،

يُشرفنِّي اليوم أن أرحِّب بِكُم في حرمِ جامعة البلمند مستضيفاً هذه الندوة المُلهِمة عن الإعلام المُعاصر.

إنَّ الإعلامَ بوسائِلِه قد ارتبطَ بحضارةِ الإنسان فتطَّور مَعَه والتَزَم بِتاريخه.

هذا التطوّر في تاريخ الإعلام قد ابتدأ بالمقروءِ منهُ منذُ سنة ١٤٤٠ مع العالِم الألماني Gutenberg، والمسموع مِنه في ثلاثينيات القرن التاسع عشر مع العالِمان ماكسويل وهيوز (سنة ١٨٨٨)، مروراً بِالعالِم Tesla (١٨٩٣) إلى أن بدأَ أوَّل بثٍّ إذاعيّ في أوائل القرن العشرين تلاهُ الإعلام المرئي والمسموع في ما بعد الحرب العالميّة الثانية.

أمّا ذروةُ التطوّر فكانت مع ظهور مصطلح الإنترنت الذي يعودُ إلى العام ١٩٧٣، لتبدأ المواقع الإلكترونيّة التي يَعرِفُها الجميع في العام ١٩٩١.

هذه النبذة التاريخيّة هدفها إظهار تلاصق تطوّر الإعلام مع نموّ حضارة الإنسان وتبلور فكره.

ولكن يَبقى السؤال الأساس هل تَرَافَقَ هذا النموّ الفكري والتطوّر التكنولوجي مع ارتقاء في المبادئ الإنسانيّة والقِيَم الأخلاقيّة التي كانت أساس تميّز الإنسان عن غيره من الكائنات؟

هل هذا الإبداع التكنولوجي قد ساهمَ في ترسيخِ مبادئ الحقّ، والتعلّق في إظهارِ الحقيقة، وجعل الإنسان مُتمسِّكاً بِمبادئ العدلِ والرحمة والرأفة؟

إن نَظرنا بتجردٍّ إلى قِطاع الإعلام لَوَجَدنا أنَّه سهَّلَ سُبل التواصل، وساعدَ في ميادين التجارة، وأسهَمَ في انتشار الثقافات والفنون والعلوم على أنواعِها. ولكِن إن أَمعَنّا النَظَر في سلبيَّات الإعلام لَتبيَّنت لنا عظمة مَخاطِرِه: فَمِن إعلامٍ يُشترَى وَيُرتَشى بِالمال، إلى إعلامٍ يُحوِّرُ الحقيقة لِتغيير صِناعَة وَصِياغة القرار، إلى إعلامٍ يَمتَهِن الكَذِب والتملّق في أنظِمةٍ لا تَعرِفُ من العدلِ غير ظُلمة السُجون، وظلامة الدكتاتوريات.

نَعَم إنَّ الإعلام نِعمة من إبداع الفكر الإنساني وتطوّره المُجتمعيّ، ولَكِن يجب أن يلتزِم دوماً وأبداً بقولِ الحقّ، وإظهار الحقيقة، وإحقاق العدل، والدِفاعِ عن حقوق الإنسان بِتجردٍ ومِصداقيّة. فيجب أن يكون بصيرة العدالة العمياء فلا يصدر أحكاماً مسبقة ولا يطلق شائعات لا أساس لها.

نريدُ إعلاماً صادِقاً نؤمِن بأقوالِهِ كما في أحاديث الرُسُل "الحقَّ الحقَّ أقولُ لَكم".

كما نريدُ إعلاماً عادِلاً في إنسانيّتِهِ ملتزماً بقول القرآن الشريف بأنَّ "الخلقُ كُلُّهم عِيالُ الله".

نَعم نُريدُ إعلاماً يُدافِعُ عن الإنسان وحقوقه في زمنٍ تُنتَهَكُ فِيهِ شُرعة حقوق الإنسان في كُلِّ دَمعَةِ طِفلٍ فَقَدَ أَهلَهُ، وَفي نُواحِ الأُمَّهاتِ على مَن أَحبّوا، وفي حَرقَةِ آباءٍ عَن عَجزِهِم في حِمايةِ من أنجَبوا.

نَأسَفُ على زَمَنٍ أَصبَحَ فِيهِ قَتْلُ الأبرياءِ دِفاعاً عَن النَفسِ، وتَدميرُ المُستَشفياتِ عَلى رؤوسِ مَن فِيها استراتيجيّةُ دِفاع، وَتَجويعُ الرُضَّعِ واغتِيالِهم لَيسوا كَافين لِتَحريكِ ضَمائِرِ حُكَّامِ العالَمِ في مَجلِسِ أممٍ اتحدَّت لِمصالِحها وتَغاضَت عن أبسَطِ حُقوق البَشر في بَقائِهم أحياء، بَينما إعلام العالَم يَنشُرُ صُوَرَهم وهُم يُذبَحون.

أهلاً بِكم فيِ عالمِ ضَميرُهُ يُشتَرى بِالمَال، وأخلاقُه ذابَت بِالمَصَالِح، وعدالَتُهُ شِعارُها الظُلم والاستِبداد.

أمَّا نحن فنأَمل أن يَكونَ الإعلام سِلاحَ المُضطهدين، وقاضِي المَظلومين، وحَامي الذينَ لا صَوتَ لَهُم.

عُشتُم، عَاشَ الإعلام الحُرّ المُتّحرر،
عَاشَت البَلمند مِنبَراً للِعلم،
وعَاشَ لُبنان بَلدَاً حُرّاً في إعلامِهِ، ومتحرراً في علمِه.


​​​​​